والتعبير بالقرض الحسن هنا يدلنا على أن مصدر المال الذي تقرض منه لابد أن يكون من حلال، ولذلك قيل للمرأة التي تتصدق من مال الزنا:«ليتها لم تزن ولم تتصدق» .
وقيل: إن القرض ثوابه أعظم من الصدقة، مع أن الصدقة يجود فيها الإنسان بالشيء كله، في حين أن القرض هو دين يسترجعه صاحبه، لأن الألم في إخراج الصدقة يكون لمرة واحدة فأنت تخرجها وتفقد الأمل فيها، لكن القرض تتعلق نفسك به، فكلما صبرت مرة أتتك حسنة، كما أن المتصدق عليه قد يكون غير محتاج، ولكن المقترض لا يكون إلا محتاجاً.
والقرض من المال الذي لديك يجعل المال يتناقص، لذلك فالله يعطيك أضعافا مضاعفة نتيجة هذا القرض، وذلك مناسب تماماً لقوله تعالى:{يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ} التي جاء بها في قوله تعالى: {والله يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} أي ساعة تذهب إليه ويأخذ كل منا حقه بالحساب أي أن المال الذي تقرض منه ينقص في ظاهر الأمر ولكن الله سبحانه يزيده ويبسطه أضعافا مضاعفة وفي الآخرة يكون الجزاء جزيلا.
ثم ينتقل الله عَزَّ وَجَلَّ إلى قضية أخرى يستهلها بقوله سبحانه:{أَلَمْ تَرَ} تأكيدا للخبر الذي سيأتي بعدها على أنه أمر واقع وقوع الشيء المرئي، يقول سبحانه:{أَلَمْ تَرَ إِلَى الملإ مِن بني إِسْرَائِيلَ مِن بَعْدِ موسى ... }