للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومن هنا كان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يقول: «يرد عليَّ يعني من الأعلى فأقول: أنا لست مثلكم، ويؤخذ مني فأقول: ما أنا إلا بشر مثلكم» .

والآية هنا لا تميزه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عن البشر إلا في أنه: {يوحى إِلَيَّ} [الكهف: ١١٠] فما زاد محمد عن البشر إلا أنه يُوحَى إليه.

ثم يقول تعالى: {أَنَّمَآ إلهكم إله وَاحِدٌ} [الكهف: ١١٠] أنما: أداة قَصْر {إلهكم إله وَاحِدٌ} [الكهف: ١١٠] أي: لا إله غيره، وهذه قِمَّة المسائل، فلا تلتفتوا إلى إله غيره، ومن أعظم نعم الله على الإنسان أنْ يكونَ له إله واحد، وقد ضرب لنا الحق سبحانه مثلاً ليوضح لنا هذه المسألة فقال تعالى:

{ضَرَبَ الله مَثَلاً رَّجُلاً فِيهِ شُرَكَآءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَماً لِّرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً} [الزمر: ٢٩] .

فلا يستوي عبد مملوك لعدة أسياد يتجاذبونه؛ لأنهم متشاكسون مختلفون يَحَارُ فيما بينهم، إنْ أرضي هذا سخط ذاك. هل يستوي وعبد مملوك لسيد واحد؟ إذن: فمما يُحمَد الله عليه أنه إله واحد.

{فَمَن كَانَ يَرْجُواْ لِقَآءَ رَبِّهِ} [الكهف: ١١٠] الناس يعملون الخير لغايات رسمها الله لهم في الجزاء، ومن هذه الغايات الجنة ونعيمها، لكن هذه الآية تُوضّح لنا غاية أَسْمى من الجنة ونعيمها، هي لقاء الله تعالى والنظر إلى وجهه الكريم، فقوله تعالى: {يَرْجُواْ لِقَآءَ رَبِّهًِ} [الكهف: ١١٠] تصرف النظر عن النعمة إلى المنعم تبارك وتعالى.

فمن أراد لقاء ربه لا مُجرَّد جزائه في الآخرة: {فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً} [الكهف: ١١٠] فهذه هي الوسيلة إلى لقاء الله؛ لأن العمل

<<  <  ج: ص:  >  >>