وستحتاجها أيضاً مريم فيما بعد حينما تشعر بالحَمْل من غير زَوْج، فلن تعترض على هذا الوضع، وستعلم أنه عطاءٌ من الله.
وكذلك نبَّهتْ هذه الآية زكريا عليه السلام إلى فَضْل الله وسِعَة رحمته، وهذا أمر لا يغيب عن نبي الله، ولكن هناك قضايا في النفس البشرية إلا أنها بعيدة عن بُؤْرة الشعور وبعيدة عن الاهتمام، فإذا ما ذُكِّر بها انتبه إليها؛ لذلك يقول الحق سبحانه وتعالى:{هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ}[آل عمران: ٣٨] .
فما دام أن الله يرزق مَنْ يشاء بغير حساب، فلماذا لا أدعو الله بولد صالح يحمل أمر الدعوة من بعدي، وطالما أن الرزق بغير حساب فلن يمعنه كِبَر السِّنِّ أو العُقْم أو خلافه.
إذن: فمريم هي التي أوحَتْ لزكريا بهذا الدعاء، واستجاب الله لزكريا ورزقه يحيى؛ ليكون ذلك مقدمة وتمهيداً لمريم، فلا تنزعج من حَمْلها، وتردّ هذه المسألة إلىأن الله يرزق مَنْ يشاء بغير حساب، وليكون ذلك إيناساً لنفسها واطمئناناً، وإلاَّ فمن الممكن أن تلعبَ بها الظنون وتنتابها الشكوك، وتتصور أن هذا الحمْل نتيجة شيء حدث لم تشعر به، أو كانت نائمة مثلاً.
لكن الحق تبارك وتعالى يقطع عنها كل هذه الشكوك، ويعطيها مقدمة تراها وتعايشها بنفسها في طعام لم يَأْتِ به أحد إليها، وفي حَمْل زوجة زكريا وهي عاقر لا تلِد.
قوله تعالى:{واذكر فِي الكتاب مَرْيَمَ}[مريم: ١٦] الكتاب هو القرآن الكريم، أي: اذكُر يا محمد في كتاب الله الذي