تشهدوا أنكم بلّغتُم الناس، وما دُمْتم بلَّغتم الناس مَنْطِقاً ولفظاً فلا بُدَّ أنْ يكون سلوكاً أيضاً، لأن لكم في رسول الله أسوة حسنة.
ودائماً ما يقرن الحق تبارك وتعالى بين الصلاة والزكاة، والصلاة تأخذ بعض الوقت، والزكاة تأخذ المال الذي هو فرع العمل الذي هو فرع الوقت، فإنْ كانت الزكاة تأخذ نتيجة الوقت، فالصلاة تأخذ الوقت نفسه. إذن: ففي الصلاة زكاة أبلغ من الزكاة.
وإنْ كان في الزكاة نماء المال وبركته وإنْ كانت في ظاهرها نقصاً ففي الصلاة نماء الوقت وبركته، فإياك أنْ تقول: أنا مشغول، ولا أجد وقتاً للصلاة؛ لأن الدقائق التي ستصلي فيها فَرْض ربك هي التي ستُشِيع البركة في وقتك كله.
كما أنك حين تقف بين يَدَيْ ربك في الصلاة تأخذ شحنة إيمانية نوارنية تُعينك على أداء مهمتك في الحياة، وتعرض نفسك على ربِّك وخالقك وصانعك، ولن تُعدم خيراً ينالك من هذا اللقاء.
ولك أنْ تتصوّر صنعةً تُعرَض على صانعها خمس مرات كل يوم، هل يصيبها عُطْل أو عَطَب؟! وإنْ كان المهندس الصانع يعالج بأشياء مادية فلأنه حِسِّيٌّ مشهود، أما الخالق سبحانه فهو غَيْب يصلحك من حيث لا تدري.
وإنْ كان إسماعيل عليه السلام يأمر أهله بالصلاة والزكاة فهو حريص عليها من باب أَوْلَى.
وقوله تعالى:{وَكَانَ عِندَ رَبِّهِ مَرْضِيّاً}[مريم: ٥٥] أي: رَضِيَ اللَّهُ عَنْه، ليس لخصال الخير التي وصفه بها، بل من بدايته، فقد رضي عنه فاختاره رسولاً ونبياً.