للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لكن الحق تبارك وتعالى يريد قَطْع العلاقات معهم بصورة نهائية قطعية، لا تعرف هذه الحلول الوسط، فقال سبحانه:

{قُلْ ياأيها الكافرون لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ وَلاَ أَنتُمْ عَابِدُونَ مَآ أَعْبُدُ وَلاَ أَنَآ عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ وَلاَ أَنتُمْ عَابِدُونَ مَآ أَعْبُدُ لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} [الكفارون: ١٦] .

وقَطْع العلاقات هنا ليس كالذي نراه مثلاً بين دولتين، تقطع كل منهما علاقتها سياسياً بالأخرى، وقد تحكم الأوضاع بعد ذلك بالتصالح بينهما والعودة إلى ما كانا عليه، إنما قَطْع العلاقات مع الكفار قَطْعاً حتمياً ودون رجعة، وكأنه يقول لهم: إياكم أنْ تظنوا أننا قد نعيد العلاقات معكم مرة أخرى؛ لذلك تكرَّر النفي في هذه السورة، حتى ظنّ البعض أنه تكرار؛ ذلك لأنهم يستقبلون القرآن بدون تدبُّر.

فالمراد الآن: لا أعبد ما تعبدون، ولا أنتم عابدون ما أعبد، وكذلك في المستقبل: ولا أنا عابد ما عبدتم، ولا أنتم عابدون ما أعبد. فلن يُرغمنا أحد على تعديل هذا القرار أو العودة إلى المصالحة.

لذلك أتى بعد سورة (الكافرين) سورة الحكم: {قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ} [الإخلاص: ١] فلا ثانيَ له يُعدِّل عليه، فكلامه تعالى وحكمه

<<  <  ج: ص:  >  >>