ومن ذلك قول الحق تبارك وتعالى:{فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ}[العلق: ١٧] ومن ذلك ما كان يُسمَّى قبل الإسلام «دار الندوة» ، وكانوا يجتمعون فيها ليدبروا المكائد لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ.
ومن النادي ما كان مأخوذاً لعمل المنكر والفاحشة والعياذ بالله، فيجتمعون فيه لكُلِّ ما هو خبيث من شُرْب الخمر والرقص والفواحش، كما في قَوْل الحق تبارك وتعالى:{وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ المنكر}[العنكبوت: ٢٩] .
وفي هذا دليل على شيوع الفاحشة والقِحَةِ بين القادرين والمجاهرة بها، فلم يكونوا يقترفونها سِرّاً، بل في جَمْع من رُوَّاد هذه الأماكن.
والنادي أو المنتدَى مأخوذ من النَّدَى أي: الكرم، ولما مدحَتْ المرأة العربية زوجها قالت: رَفيع العِماد، كثير الرماد، قريب البيت من الناد.
والمعنى: أن بيته أقرب البيوت إلى النادي، فهو مَقْصد الناس في قضاء حاجياتهم.
إذن: كان قول الكفار للمؤمنين: {أَيُّ الفريقين خَيْرٌ مَّقَاماً وَأَحْسَنُ نَدِيّاً}[مريم: ٧٣] موضع فتنة للفريقين، فقال المؤمنون:{لَوْ كَانَ خَيْراً مَّا سَبَقُونَآ إِلَيْهِ}[الأحقاف: ١١] وقال الكفار: ما دام أن الله حبانا