وورد في قراءة أخرى:(أحْسَنُ أثَاثاً وزِيّاً) وهي غير بعيدة عن المعنى الأول: لأن الزيّ أيضاً من المرئي، إلا أنه يتكوّن من الزي والذي يرتديه، والمراد هنا جمال الشكل والهيئة ونضارة الشخص وهندامه، وقد افتخر الكفار بذلك، في حين كان المؤمنين شُعْثاً غُبْراً يرتدون المرقَّع والبالي من الثياب.
وقد جاء الاختلاف في بعض ألفاظ القرآن من قراءة الأخرى؛ لأن القرآن الكريم دُوِّن أول ما دُوِّن غير منقوط ولا مشكول اعتماداً على مَلَكَة العربي وفصاحته التي تُمكِّنه من توجيه الحرف حَسْب المعنى المناسب للسياق، وظل كذلك إلى أن وضع له العلماء النقاط فوق الحروف في العصر الأموي. فمثلاً النَّبْرة في كلمةٍ دون نقط يحتمل أنْ تُقرأ من أعلى: نون أو تاء أو ثاء. ومن أسفل تقرأ: باء أو ياء.
والعربي لمعرفته بمواقع الألفاظ يستطيع تحديد الحرف المراد، فكلمة (رئْيَا) تقرأ (زيا) والمعنى غير بعيد.
ومن ذلك كلمة {فَتَبَيَّنُواْ}[النساء: ٩٤] قرأها بعضهم (فتثبتوا) وكلمة {صِبْغَةَ}[البقرة: ١٣٨] قرأها بعضهم (صنعة) ، ودليل فصاحتهم أن الاختلاف في مثل هذه الحروف لا يؤدي إلى اختلاف المعنى.
لذلك، كان العربي قديماً يغضب إنْ كُتِب إليه كتاب مُشَكل، لأن تشكيل الكلام كأنه اتهام له بالغباء وعدم معرفته باللغة. ومن هنا وجدنا العلماء الذين وضعوا قواعد اللغة ليسوا من العرب؛ لأن العربي في هذا الوقت كان يستنكف أن يضع للغة قواعد، فهي بالنسبة