وفي آية آخرى:{إِنَّ هذه تَذْكِرَةٌ فَمَن شَآءَ اتخذ إلى رَبِّهِ سَبِيلاً}[الإنسان: ٢٩] .
مرة يقول:{إِنَّ هذه تَذْكِرَةٌ}[الإنسان: ٢٩] ومرة يقول: {كَلاَّ إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ}[عبس: ١١] .
ونقف هنا أمام ملحظ دقيق في سورة (الرحمن) حيث يقول الحق تبارك وتعالى: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ}[الرحمن: ٤٦] ثم يأتي الحديث عنهما: فيهما كذا، فيهما كذا إلى أنْ يصلَ إلى قاصرات الطرف فيقول:{فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطرف}[الرحمن: ٥٦] .
وكذلك في:{وَمِن دُونِهِمَا جَنَّتَانِ}[الرحمن: ٦٢] فيهما كذا وفيهما كذا إلى أنْ يصلَ إلى الحور العين فيقول: {فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ}[الرحمن: ٧٠] .
ولك أنْ تتساءل: الحديث هنا عن الجنتين، فلماذا عدل السياق عن (فيهما) إلى (فيهن) في هذه النعمة بالذات؟
قالوا: لأن نعيم الجنة مشترك، يصح أنْ يشترك فيه الجميع إلا في نعمة الحور العين، فلها خصوصيتها، فكأن الحق تبارك وتعالى يحترم مشاعر الغَيْرة عند الرجال، ففي هذه المسألة يكون لكل منها جنته الخاصة التي لا يشاركه فيها أحد.
لذلك «لما رأى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ الجنة رأى فيها قصراً فابتعد عنه، فلما سُئِل عن ذلك صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قال:» إنه لعمر، وأنا أعرف غَيْرة عمر «.