الإيجاد من عدم، فالذي جاء بالرمل وصنع منه كوباً فهو خالق للكوب، فأنت أوجدتَ شيئاً من عدم، والله تعالى أوجد شيئاً من عدم، ولكنك أوجدت من موجود الله قبل أن توجد أنتَ، فهو إذن أحسن الخالقين في حين لم يضِنّ عليك ربك بأنْ ينصفك ويسميك خالقاً. وهذا يوجب عليك أنْ تنصفه سبحانه وتقول {أَحْسَنُ الخالقين}[المؤمنون: ١٤] .
وأيضاً، فإن الله تعالى إذا احترم إيجادك لمعدوم فسمَّاك خالقاً له، ولم يَضِنّ عليك فأعطاك صفة من صفاته إنما أخبرك أنه أحسن الخالقين؛ لأنك تُوجِد معدوماً يظل على إيجادك ويجمد على هذه الحالة، لكن الخالق سبحانه وتعالى يُوجِد معدوماً ويمنحه الحياة، ويجعله يتلقى بمثله ويُنجب، فهل يستطيع الإنسان الذي أوجد كوباً أن يجعل منه ذكراً وأنثى ينتجان لنا الأكواب؟ {وهل يكبر الكوب الصغير، أو يتألم إنْ كُسِر مثلاً؟}
إذن: فالخالق سبحانه هو أحسن الخالقين، وكذلك هو خير الرازقين، وخَيْر الوارثين، وخَيْر الماكرين.
وقوله تعالى:{لَهُ الأسمآء الحسنى}[طه: ٨] الحُسْنى: صيغة تفضيل للمؤنث مثل: كُبْرى، تقابل «أحسن» للمذكر. إذن: فهناك أسماء حسنة هي أسماء الخَلْق، أما أسماء الله فحسنى؛ لأنها بلغتْ القمة في الكمال، ولأن الأسماء والصفات التي تنطبق عليها موجودة في الخالق الأعلى سبحانه، فحين تقول في أسماء الله تعالى (الرازق) فهي الصفة الحُسْنى لا الحسنة.