وهكذا يتكامل موسى وهارون ويُعوِّض كل منهم النقص في أخيه. ويُقال: إن هارون عليه السلام كان يمتاز على موسى في أمور آخرى، فكان به لِينٌ وحِلْم، وكان موسى حاداً سريع الغضب، فكان هارون للِّين، وموسى للشدة.
ويتضح هذا حينما عاد موسى إلى قومه، وقد تركهم في صُحْبة أخيه هارون فعبدوا العجل فاشتد غضبه، كما قال تعالى:{وَلَمَّا رَجَعَ موسى إلى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفاً}[الأعراف: ١٥٠] .
تم احتدّ على أخيه، وجذبه من ذَقْنه، وظهرتْ حِدَّته. وقَسْوته، فماذا قال هارون؟ {قَالَ ابن أُمَّ}[الأعراف: ١٥٠] ليستعطفه ويُذكِّره برأفة الأم وحنانها {لاَ تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلاَ بِرَأْسِي}[طه: ٩٤] ، كأنه يقول لأخيه: اضربني كما تريد، لكن لا تروعني في لحيتي، وفي رأسي.
إذن: فالفصاحة في هارون تجبر العُقدة في لسان موسى، واللين يجبر الشدة والحدة. وأيضاً فإن موسى عليه السلام كان أسمر اللون، أجعد الشعر، أقنى الأنف، أما هارون فكان أبيض اللون، مُرْسَل الشعر، وسيم التقاطيع والملامح، ترتاح له الأبصار، فمَنْ لم يرتَحْ لموسى ارتاح لهارون.
ولقد كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يحب أن ينزل الوحي عليه في صورة دِحيْة الكلبي، وكان رَضِيَ اللَّهُ عَنْه وسيماً، ترتاح له العين لرؤيته، فكان جبريل عليه السلام ينزل عليه في هذه الصورة لِيُؤنسه.