لكن محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ حينما يشاء الله أن يأتيه بالمعجزة لا يأتي له بمعجزة من جنس المحسات التي تحدث مرة وتنتهي، إنه سبحانه قد بعث محمداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إلى أن تقوم الساعة، فرسالته غير محدودة، ولابد أن تكون معجزته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ غير محسة وإنما تكون معقولة؛ لأن العقل هو القدر المشترك عند الجميع، لذلك كانت معجزته القرآن. ويستطيع كل واحد الآن أن يقول: محمد رسول الله وتلك معجزته.
إن معجزة رسولنا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ هي واقع محسوس. وفي مناط التطبيق للمنهج نجد أن الرسل ما جاءوا ليشرعوا، إنما كانوا ينقلون الأحكام عن الله، وليس لهم أن يشرعوا، أما الرسول محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فهو الرسول الوحيد الذي قال الله له:{وَمَآ آتَاكُمُ الرسول فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فانتهوا}[الحشر: ٧]
فهو صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قد اختصه الله بالتشريع أيضا، أليست هذه مزية؟ إن المراد من المنهج السماوي هو وضع القوانين التي تحكم حركة الحياة في الخلافة في الأرض، وتلك القوانين نوعان: نوع جاء من الله، وفي هذا نجد أن كل الرسل فيه سواء، ولكنْ هناك نوع ثانٍ من القوانين فوض الله فيه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أن يضع من التشريع ليلائم ما يرى، وهذا تفضيل للرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ.
إذن حين يقول الله تعالى:{وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ} فهذا لا ينطبق إلا على سيدنا محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ. وهذا أكثر من التصريح بالاسم. وأضرب هنا المثل ولله المثل الأعلى أنت أعطيت لولدك قلماً عادياً، ولولدك الثاني قلماً مرتفع القيمة، ولولدك الثالث ساعة، أما الولد الرابع فاشتريت له هدية غالية جداً، ثم تأتي للأولاد وتقول لهم: أنا اشتريت لفلان قلماً جافاً، ولفلان قلم حبر، واشتريت لفلان ساعة، وبعضهم اشتريت له هدية ثمينة.
ف «بعضهم» هذا قد عُرف بأنه الابن الرابع الذي لم تذكر اسمه، فيكون قد تعين وتحدد.