الذي سبق أنْ أوحيتُه إليك، هذا الكلام في الحبْكة الأخيرة لهذه المسألة.
وقوله تعالى:{فَلْيُلْقِهِ اليم بالساحل}[طه: ٣٩] أي: تحمله الأمواج وتسير به، وكأن لديها أوامر أن تُدخِله في المجرى الموصِّل لقصر فرعون.
فعندنا إذن لموسى ثلاثة إلقاءات: إلقاء الرحمة والحنان في التابوت، وإلقاء التابوت في اليم تنفيذاً لأمر الله، وإلقاء اليَمِّ للتابوت عند قصر فرعون.
وقوله تعالى:{يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِّي وَعَدُوٌّ لَّهُ}[طه: ٣٩](عَدُو لِي) أي: لله تعالى؛ لأن فرعون ادعى الألوهية، (وَعَدُوٌّ لَهُ) أي: لموسى؛ لأنه سيقف في وجهه ويُوقفه عند حَدِّه.
وفي الآية إشارة إلى إنفاذ إرادته سبحانه، فإذا أراد شيئاً قضاه، ولو حتى على يد أعدائه وهم غافلون، فمَنْ يتصور أو يصدق أن فرعون في جبروته وعُتوه وتقتيله للذكور من أولاد بني إسرائيل هو الذي يضم إليه موسى ويرعاه في بيته، بل ويُحبه ويجد له قبولاً في نفسه.
وهل التقطه فرعون بداية ليكون له عَدواً؟ أم التقطه ليكون ابناً؟ كما قالت زوجته آسية:{قُرَّةُ عَيْنٍ لِّي وَلَكَ لاَ تَقْتُلُوهُ عسى أَن يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ}[القصص: ٩] .
إذن: كانت محبة، إلا أنها آلتْ إلى العداوة فيما بعد، آلتْ إلى