يَكْفُلُهُ} [طه: ٤٠] وهذا الترتيب لا يقدر عليه إلا الله.
ويقول تعالى:{فَرَجَعْنَاكَ إلى أُمِّكَ}[طه: ٤٠] حين نستقرىء مادة (رجع) في القرآن نجدها تأتي مرة لازمة كما في: {وَلَمَّا رَجَعَ موسى إلى قَوْمِهِ}[الأعراف: ١٥٠]
وتأتي متعدية كما في:{فَرَجَعْنَاكَ إلى أُمِّكَ}[طه: ٤٠] وفي: {فَإِن رَّجَعَكَ الله إلى طَآئِفَةٍ مِّنْهُمْ}[التوبة: ٨٣] .
والفَرْق بين اللازم والمتعدِّي أن اللازم رجع بذاته، أمّا المتعدي فقد أرجعه غيره، فالرجوع أن تصير إلى حال كنتَ عليها وتركتها، فإنْ رجعت بنفسك دون دوافع حملتْك على الرجوع فالفعل لازم، فإنْ كانت هناك أمور دفعتْك للرجوع فالفعل مُتعَدٍّ.
ومثل رجعك: أرجعك، إلا أن رجعك: الرجوع في ظاهر الأمر منك من دون دوافع منك. وأرجعك: أي رَغْماً عن إرادتك.
وقوله:{كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها}[طه: ٤٠] تقرُّ العين أي: تثبت؛ لأن التطلعات إما أن تكون معنوية أو حِسِّية، فالإنسان لديه أمانٍ يتطلع إلى تحقيقها، فإذا ما تحققت نقول: لم يعُدْ يتطلع إلى شيء.
وكذلك في الشيء الحسِّيِّ، فالعرب يقولون للشيء الجميل: قيد النواظر. أي: يقيد العين فلا تتحول عنه؛ لأن الإنسان لا يتحول عن الجميل إلا إذا رأى ما هو أجمل، وهذا ما يسمونه قُرَّة العين. يعني الشيء الحسن الذي تستقر عنده العين، ولا تطلب عليه مزيداً في الحُسْن.
ثم يقول تعالى:{وَقَتَلْتَ نَفْساً فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ الغم وَفَتَنَّاكَ فُتُوناً}[طه: ٤٠] وهذه مِنَّة أخرى من مِنَن الله تعالى على موسى عليه السلام، فمِنَنُ الله عليه كثيرة كما قال:{وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أخرى}[طه: ٣٧] فهي مرة، لكن هناك مرات.