الأضعف منك، وإلا لَفزَّعوا الناس وأرهبوهم، ولم نسلم من شَرَّهم.
وكذلك الحال مع الساحر نفسه، فلديه بالسحر والطلاسم أن يُسخِّر الجن يفعلون له ما يريد، وهذه خصوصية تفوق بها قدرتُه قدرةَ الآخرين، ولديه بالسحر فُرْصة لا تتوفر لغيره من عامة الناس، فليس بينه وبين تكافؤ في الفُرص.
والله عَزَّ وَجَلَّ يريد لخَلْقه أنْ تتكافأ فُرَصهم في حركة الحياة فيقول الساحر: إياك أن تفهم أن ما يسَّرته لك من تسخير الأقوى منك ليقدر على ما لا تقدر عليه يفيدك بشيء. أو أنك أخذتَ بالسحر فرصةً على غيرك، بل العكس هو الصحيح فلن تجنيَ من سِحْرك إلا الضرر والشقاء، فالسحر فتنة للإنسان، كما أنه فتنة للجن.
لذلك يقول تعالى:{وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حتى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ}
[البقرة: ١٠٢] .
والفتنة هنا معناها أن نختبر استعماله لمدى مَا اعدَّه الله له، أيستعمله في الخير أم في الشر؟ فإنْ قُلْتَ: أتَعلَّم السحر لأستعمله في الخير. نقول: هذا كلامك ساعة التحمُّل، ولا تضمن نفسك ساعة الأداء. كما قلنا سابقاً في تحمُّل الأمانة حين تقبلها ساعة التحمل، وأنت واثق من قدرتك على أدائها في وقتها، ومطمئنٌ إلى سلامة نيتك في تحمُّلها، أما وقت الأداء فربما يطرأ عليك ما يُغيّر نيتك.
وكما جاء في قول الحق تبارك وتعالى:{إِنَّا عَرَضْنَا الأمانة عَلَى السماوات والأرض والجبال فَأبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإنسان إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً}[الأحزاب: ٧٢] .