الأرض وزراعتها، كما أمركم الله:{هُوَ أَنشَأَكُمْ مِّنَ الأرض واستعمركم فِيهَا}[هود: ٦١] .
وقد غفلنا زمناً عن هذه المسألة، حتى فاجأتنا الأحداث بكثرة العدد وقِلَّة المدد، فكان الخروج إلى الصحراء وتعميرها.
وما دام أن الخالق عَزَّ وَجَلَّ خلق لنا أرزاقنا ومُقوِّمات حياتنا، وجعلها مناسبة لهذا الإنسان الذي كرّمه وجعله خليفة له في الأرض، وجعل لهذا الرزق ولهذه المقوّمات حدوداً حدّها وبيَّنها هي (الحلال) ، فلا ينبغي لك بعد ذلك أن تتعدى هذه الحدود، وتطغى في تناول طعامك وشرابك.
ونحن نرى حتى الآلات التي صنعها البشر، لكل منها وقودها الخاص، وإذا أعطيتها غيره لا تؤدي مهمتها، فمثلاً لو وضعت للطائرة سولاراً لا تتحرك، فليس هو الوقود المناسب لطبيعتها.
إذن: حدودك في مُقوِّمات حياتك الحلال، ولو استقرأنا ما أحلَّ الله وما حرَّم لوجدنا الأصل في الأشياء أنها حلال، والكثير هو المحلل لك، أما المحرم عليك فهو القليل المحصور الذي يمكن تحديده.
لذلك يقول عَزَّ وَجَلَّ:{قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ}[الأنعام: ١٥١] ولم يقُلْ مثلاً في آية أخرى: تعالوا أَتْلُ ما أحل الله لكم؛ لأنها مسألة تطول ولا تحصى.
إذن: ساعةَ أعطاك ربك قال لك: هذا رِزْقُك الحلال الخالص، ومنه وقودك ومُقوِّمات حياتك، وبه بقاؤك ونشاط حركتك.
فلا تتعدَّ الحلال على كثرته إلى الحرام على قِلَّته وانحصاره في عِدَّة أنواع، بيَّنها لك وحذَّرك منها.
وبالغذاء تتم في الجسم عملية (الأَيْض) يعني: الهدم والبناء، وهي عملية مستمرة في كل لحظة من لحظاتك، فإياك أنْ تبني ذَرَّة