للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

النِّعَم، وما فيه من نَقْص أو عيب يدفع عنه حَسَد الحاسد، كما قال الشاعر في المدح:

شَخَصَ الأنَامُ إلى كَمَالِكَ ... فَاسْتِعذْ مِنْ شَرِّ أعينهِمْ بِعيْبٍ وَاحِدٍ

أي: أن الأعين متطلعة إليك، فاصرفها عنك، ولو بعيب واحد يذكره الناس وينشغلون به.

وفي الريف يعيش بعض الفلاحين على الفطرة، فإنْ رُزِق أحدهم بولد جميل وسيم يُلفِت نظر الناس إليه. وتراهم يتعمدون إهمال شكله ونظافته، أو يضعونَ له (فاسوخة) دَفْعاً للحسد وللعين.

لذلك فالمرأة التي دخلت على الخليفة، فقالت له: أتمَّ الله عليك نعمته، وأقرَّ عينك، ففهم الحضور أنها تدعو له، فلما خرجتْ قال الخليفة: أعرفتم ما قالت المرأة؟ قالوا: تدعو لك، قال: بل تدعو عليَّ، فقد أرادت بقولها: أتمَّ الله عليك نعمته تريد أزالها؛ لأن النعمة إذا تمت لم يَبْقَ لها إلا الزوال، وقولها: أقَرَّ الله عينكَ تريد: أسكنها عن الحركة.

إذن: لا تغضَب إنْ قالوا عنك: ناقص في كذا، فهذا النقص هو تميمة الكمال، ويريدها الله لك لمصلحتك أنت.

وما دام الإنسان ابن أغيار، فلا بُدَّ أنْ يغفل عن منهج الله، فتكون له سَقَطات وهَفَوات تحتاج إلى غفران؛ لذلك يقول تعالى: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ ... }

<<  <  ج: ص:  >  >>