فكأن الحق تبارك وتعالى قال للسامري: ستُعاقب بنفس المجتمع الذي كنت تريد منه العِزّة والسُّلْطة والسيطرة والذكر، فتتبرأ أنت منهم وتفرّ من جوارهم، ولا تتحمل أنْ يمسَّك أحد منهم، فهم سبب بلائك، ومصدر فتنتك، كما قال تعالى:{الأخلاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ المتقين}[الزخرف: ٦٧] .
فأخلاءُ الباطل، وصُحْبَة السوء الذين يجتمعون على معصية الله في سهرات مُحرَّمة عليهم أنْ يحذروا هذا اللقاء. أما الخُلّة الحقيقية الصادقة فهي للمتقين، الذين يأتمرون بالحق، ويتواصَوْن بطاعة الله.
وفَرْق بين مَنْ يقاسمك الكأس ومَنْ يكسرها ويُريقها قبل أنْ تذوقها، فَرْق بين مَنْ يلهيك عن الصلاة ومَنْ يحثُّك عليها، فَرْق بين مَنْ يُسعِدك الآن بمعصية ومَنْ يحملك على مشقّة الطاعة، فانظر وتأمَّلْ.
ثم يقول:{وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً لَّن تُخْلَفَهُ}[طه: ٩٧] أي: ما ينتظرك من عذاب الآخرة.
{وانظر إلى إلهك الذي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفاً لَّنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي اليم نَسْفاً}[طه: ٩٧] .
(عَاكِفاً) أي: مقيماً على عبادته، والاعتكاف: الإقامة في المسجد، والانقطاع عن المجتمع الخارجي.
ومعنى {لَّنُحَرِّقَنَّهُ}[طه: ٩٧] أي: نُصيِّره كالمحروق، بأنْ نبردَه بالمبرد حتى يصبح فُتاتاً وذرات متناثرة، بحيث يمكن أن نذروه في الهواء {ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي اليم نَسْفاً}[طه: ٩٧] أي: نذروه كما