السؤال، فكأن الفاء هنا دَلَّتْ على شرط مُقدّر، بمعنى: إنْ سألوك بالفعل فقُلْ: كذا وكذا.
إذن: السؤال عن الجبال لم يكُنْ وقت نزول الآية، أمَّا الأسئلة الأخرى فكانت موجودة، وسُئِلت لرسول الله قبل نزول آياتها.
وقد تأتي إجابة السؤال بدون (قُلْ) كما في قوله تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ}[البقرة: ١٨٦] ولم يقُلْ هنا (قُلْ أو فقُلْ) لأنها تدُّل على الواسطة بين الله تعالى وبين عباده، وكأن الحق سبحانه يُوضّح أنه قريب من عباده حتى عن الجواب بقُلْ.
وقد تتعجب: كيف تأتي في القرآن كل هذه الأسئلة لرسول الله مع أن القرآن كتاب منهج جاء بتكاليف قد تشقُّ على الناس؛ لأنه يلزمهم بأمور تخالف ما يشتهون، فكان المفروض ألاَّ يسألوا عن الأمور التي لم ينزل فيها حكم.
نقول: دَلَّتْ أسئلتهم هذه على عِشْقهم لأحكام الله وتكاليفه، فالأشياء التي كانت عاداتٍ لهم في الجاهلية يريدون الآن أنْ يُؤدُّوها على طريقة الإسلام على أنها عبادة، لا مجرد عادة جاهلية.
مع أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ نهاهم عن السؤال فقال:«دعوني ما تركتكم، إنما أهلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم» .
ومع ذلك سألوا وأرادوا أنْ تُبنَى حياتهم على منهج القرآن من