ثم يقول تعالى:{فَلاَ يَخَافُ ظُلْماً وَلاَ هَضْماً}[طه: ١١٢] والظلم هنا غير الظلم في قوله تعالى: {وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً}[طه: ١١١] فالظلم هنا من الإنسان لنفسه أو لغيره، إنما {فَلاَ يَخَافُ ظُلْماً وَلاَ هَضْماً}[طه: ١١٢] أي: ظُلْماً يقع عليه، بألاَّ يأخذ حقه على عمله، بمعنى أننا لا نعاقبه على سيئة لم يعملها، ولا نضيع عليه ثواب حسنة عملها؛ لأن الحق سبحانه لا يظلم الناس مثقال ذرة.
{وَلاَ هَضْماً}[طه: ١١٢] الهَضْم يعني النقصان، فلا ننقصه أجره وثوابه، ومنه هضم الطعام، فكمية الطعام التي نأكلها تُهضَم ثم تُمتصّ، وتتحول إلى سائل دموي، فتأخذ حَيِّزاً أقل، ومنه نقول: فلان مهضوم الحق. يعني: كان له حق فلم يأخذه.
لكن، ما فائدة عطف (هَضْماً) على (ظُلْماً) فنَفْي الظلم نَفْي للهضم؟ نقول: لأنه مرة يُبطل الثواب نهائياً، ومرة يُقلِّل الجزاء على الثواب.
ثم يقول الحق سبحانه:{وكذلك أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً}