للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يفوت مُلْكَه، أو يفوته المْلكُ، وأيُّ مُلْك هذا الذي لا يملكه صاحبه؟ أيّ مُلْك هذا الذي يُسلب منك بانقلاب أو بطلقة رصاص؟

إذن: الملِك الحق هو الله، وإن ملَّك بعض الخلق شئون بعض لمصلحتهم، فهو سبحانه الذي يهَب الملْك، وهو الذي ينزعه إن أراد: {تُؤْتِي الملك مَن تَشَآءُ وَتَنزِعُ الملك مِمَّنْ تَشَآءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَآءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَآءُ} [آل عمران: ٢٦] .

فالحق سبحانه له الملْك الحق، ويهَبُ من مُلْكه لمَنْ يشاء، لكن يظل المَلِك وما مَلَكه في قبضة الله؛ لأنه سبحانه قيُّوم على خَلْقه لا يخرج أحد عن قيوميته.

وقد نسمع مَنْ يسبُّ الملوك والرؤساء، ومَنْ يخوض في حقهم، وهو لا يدري أن مُلْكهم من الله، فهو سبحانه الذي ملّكهم وفوَّضهم، ولم يأخذ أحد منه مُلْكاً رَغْماً عن الله، فلا تعترض على اختيار الله واحترم مَنْ فوَّضه الله في أمرك، واعلم أن في ذلك مصلحة البلاد والعباد، ومَنْ يدريك لعلَّ الطاغية منهم يصبح غَداً واحداً من الرعية.

إذن: الحق سبحانه ملَّك بعض الناس أمْر بعض: هذا يتصرف في هذا، وهذا يملك هذا لتسير حركة الكون، فإذا كانت القيامة، قال عَزَّ وَجَلَّ: {لِّمَنِ الملك اليوم لِلَّهِ الواحد القهار} [غافر: ١٦] هذا هو الملْك الحق.

ومن عظمته في التعالى أنه يريحك هو سبحانه بعمله لك، فيقول لك: نَمْ مِلْءَ جفونك، فأنا لا تأخذني سِنَة ولا نوم، نَمْ فلكَ رب قيوم قائم على أمرك يرعاك ويحرسك.

ومن معاني {الملك الحق} [طه: ١١٤] أي: الثابت الذي لا يتغير، وكُلُّ ظاهرة من ظواهر القوة في الكون تتغير إلا قوة الحق

<<  <  ج: ص:  >  >>