للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

النبي في آية أخرى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذكر لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: ٤٤] فالبيان من الله تعالى والتبيين من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ.

ومعنى: {مِن قَبْلِ أَن يقضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ} [طه: ١١٤] أي: انتظر حتى يسري عنك، لكن كيف يعرف الرسول ذلك؟ كيف يعرف أن الحالة التي تعتريه عند نزول الوحي قد زالتْ؟ والصحابة يصفون حال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عند نزول الوحي عليه فيقولون: كنا نسمع حول رأسه كغطيط النحل، وكان جبينه يتفصد عرقاً، ويبلغ منه الجهد مبلغاً، وإن نزل الوحي وهو على دابة كانت تنخ برسول الله؛ لأن الله تعالى قال: {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً} [المزمل: ٥] .

إذن: هناك آيات مادية تعرض لرسول الله عند نزول الوحي؛ لأن الوَحْي من مَلَك له طبيعته التكوينية التي تختلف وطبيعة النبي البشرية، فلكي يتم اللقاء بينهما مباشرة لا بُدَّ أنْ يحدث بينهما نوعٌ من التقارب في الطبيعة، فإمّا أن يتحول الملَك من صورته الملائكية إلى صورة بشرية، أو ينتقل رسول الله من حالته البشرية إلى حالة ملائكية ارتقائية حتى يتلقّى عن الملك.

لذلك، كانت تحدث لرسول الله تغييرات كيماوية في طبيعته، هذه التغييرات هي التي تجعله يتصبَّبُ عَرَقاً حتى يقول: «زملوني زملوني» أو «دثروني دثروني» لما حدث في تكوينه من تفاعل.

فكان الوحي شاقاً على رسول الله خاصة في أوله، فأراد الحق

<<  <  ج: ص:  >  >>