وعَرْض القصة بهذه الطريقة أسلوبٌ من أساليب التشويق يصنعه الآن المؤلفون والكُتَّاب في قصصهم، فيعطوننا في بداية القصة لقطة لنهايتها؛ لإثارة الرغبة في تتبُّع أحداثها، ثم يعود فيعرض لك القصة من بدايتها تفصيلاً، إذن: هذا لوْنٌ من ألوان الإثارة والتشويق والتنبيه.
ومن ذلك أسلوب القرآن في قصة أهل الكهف، حيث ذكر القصة مُوجَزة فقال:{أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الكهف والرقيم كَانُواْ مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً إِذْ أَوَى الفتية إِلَى الكهف فَقَالُواْ رَبَّنَآ آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّىءْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَداً فَضَرَبْنَا على آذَانِهِمْ فِي الكهف سِنِينَ عَدَداً ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الحِزْبَيْنِ أحصى لِمَا لَبِثُواْ أَمَداً}[الكهف: ٩١٢] .
ثم أخذ في عَرْضها تفصيلاً:{نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نبَأَهُم بالحق}[الكهف: ١٣] .
وقد جاء هذا الأسلوب كثيراً في قَصَص القرآن، ففي قصة لوط عليه السلام يبدأ بنهاية القصة وما حاق بهم من العذاب:{كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بالنذر إِنَّآ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِباً إِلاَّ آلَ لُوطٍ نَّجَّيْنَاهُم بِسَحَرٍ}[القمر: ٣٣٣٤] .
ثم يعود إلى تفصيل الأحداث:{وَلَقَدْ أَنذَرَهُمْ بَطْشَتَنَا فَتَمَارَوْاْ بالنذر وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَن ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَآ أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُواْ عَذَابِي وَنُذُرِ}[القمر: ٣٦٣٧] .