للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ينبغي إذن أن نفهم أن آدم خُلِق للأرض وعمارتها، وقد هيَّأها الله لآدم وذريته من بعده، وأعدَّها بكُلِّ مقوِّمات الحياة ومُقوِّمات بقاء النوع، فمَنْ أراد ترف الحياة فليُعمل عقله في هذه المقوّمات وليستنبط منها ما يريد.

لقد ذكرنا أن في الكون مُلكاً وملكوتاً: الملْك هو الظاهر الذي نراه ونشاهده، والملكوت ما خفى عنّا وراء هذا الملْك، ومن الملكوت أشياء تؤدي مهمتها في حياتنا دون أنْ نراها، فمثلاً ظاهرة الجاذبية الأرضية التي تتدخل في أمور كثيرة في حياتنا، كانت في حجاب الملكوت لا نراها ولا نعرف عنها شيئاً، ثم لما اهتدتْ إليها العقول واكتشفتْها عرفنا أن هناك ما يسمى بالجاذبية.

ومن الملكوت الملائكة الموكّلون، كما قال تعالى: {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ الله} [الرعد: ١١] .

ومنهم الكَتَبة: {مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق: ١٨] .

فلما خلق الله آدم، وخلق الملائكة الموكلين بمصالحه في الأرض أمرهم بالسجود له؛ لأنهم سيكونون في خدمته، فالسجود طاعة لأمر الله، وخضوع للخليفة الذي سيعمر الأرض.

وقوله تعالى: {إِلاَّ إِبْلِيسَ أبى} [طه: ١١٦] وفي آية أخرى: {إِلاَّ إِبْلِيسَ استكبر}

[ص: ٧٤] .

وقد أوضح الحق سبحانه سبب رَفْض إبليس للسجود لآدم بقوله: {أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ العالين} [ص: ٧٥]

<<  <  ج: ص:  >  >>