للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تكون نهايتهم كنهاية سابقيهم، وربما قال هؤلاء القوم: ها نحن على ما نحن عليه دون أن يصيبنا شيء من العذاب: لا صَعْق ولا مَسْخ ولا ريح، فبماذا تهددنا؟

لذلك يوضح لهم الحق سبحانه وتعالى هذه المسألة: ما منعنا أنْ نفعل بكم ما فعلنا بسابقيكم من المكذبين بالرسل، ما منعنا من إذلالكم وتدميركم إلا شيء واحد هو كلمة سبقتْ من الله.

{وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَكَانَ لِزَاماً وَأَجَلٌ مُّسَمًّى} [طه: ١٢٩] .

فما هذه الكلمة التي سبقتْ من الله، ومنعتْ عنهم العذاب؟

المراد بالكلمة قوله تعالى لنبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: {وَمَا كَانَ الله لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ الله مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الأنفال: ٣٣] .

فهذه الكلمة التي سبقت مني هي التي منعتْ عنكم عذابي، والرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يوضح هذه المسألة فيقول: «بل أرجو أن يُخرج الله من أصلابهم مَنْ يعبد الله وحده لا يشرك به شيئاً» .

فإنْ قال قائل: الله يهدد الذين كذبوا محمداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بأنْ يُنزل بهم ما أنزل بالمكذِّبين من الأمم السابقة، وها هم كفار مكة يُكذّبون رسول الله دون أن يحدث لهم شيء.

نقول: لأن لهم أمانين من العذاب، الكلمة التي سبقتْ، والأجل المسمّى عند الله {وَأَجَلٌ مُّسَمًّى} [طه: ١٢٩] فلكل واحد أَجَلٌ معلوم.

معنى: {لَكَانَ لِزَاماً} [طه: ١٢٩] أي: لزم لزاماً أنْ يحيق بهم ما حاقَ بالأمم السابقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>