ومن ذلك قَوْلُ القرآن {فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ ... }[الأنعام: ٤٤] أعطيناهم الصحة والمال والجاه والأرض والدُّور والقصور {حتى إِذَا فَرِحُواْ بِمَآ أوتوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُّبْلِسُونَ}[الأنعام: ٤٤] وهكذا يكون أَخذْه أليماً شديداً، فعلى قَدْر ما رفعهم الله على قَدْر ما يكون عذابهم.
ومَلْمَح آخر في قوله تعالى:{فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ}[الأنعام: ٤٤] لا لهم كما في: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً}[الفتح: ١] فليس هذا كله في صالحهم، بل هو وَبَال عليهم، فلا تغترُّوا بها، فقد أعطاها الله لهم، وهم سيَبَطْرون بها، فتكون سببَ عذابهم.
وقوله تعالى:{لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ}[الأنبياء: ١٣] أي: عودوا إلى مساكنكم وقصوركم وما كنتم فيه من النعيم، لعل أحداً يمرُّ بكم فيسألكم: أين ما كنتم فيه من النعيم؟ أين ذهب؟ لكن ما هم فيه الآن من الخزي سيُخرس ألسنتهم، ولن يقولوا شيئاً مما حدث، إنما سيكون قولهم وسلوكهم. {قَالُواْ ياويلنآ ... } .