إنْ كانوا متفقين على خَلْق شيء، فهذا تكرار لا مُبرِّر له، فواحد سيخلق، والآخر لا عملَ له، ولا يجتمع مؤثران على أثر واحد.
فإن اختلفوا على الخَلْق: يقول أحدهم: هذه لي. ويقول الآخر: هذه لي، فقد علا بعضهم على بعض.
أما إنْ كان لأحدهم صفة الكمال، وللآخر صفة النقص، فصاحب النقص لا يصحّ أن يكونَ إلهاً. وهكذا الحق - سبحانه وتعالى - يُصرِّف لنا الأمثال ويُوضِّحها ليجلي هذه الحقيقة بالعقل وبالنقل: لا إله إلا الله، واتخاذ آلهة معه سبحانه أمر باطل.
كذلك يردُّ على الذين يدعون مع الله آلهة أخرى مثل مَنْ قالوا: العزيرُ ابن الله ومَنْ قالوا: المسيح ابن الله. ومَن اتخذوا الملائكة آلهة من دون الله:{أولئك الذين يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إلى رَبِّهِمُ الوسيلة أَيُّهُمْ أَقْرَبُ. .}[الإسراء: ٥٧] .
إن هؤلاء الذين تدعُونهم مع الله يطلبون إليه وسيلة، ويتقرّبون إليه سبحانه، وينظرون أيّهم أقرب إلى الله من الآخر، فكيف يكونون آلهة؟
ثم يقول تعالى:{فَسُبْحَانَ الله رَبِّ العرش ... }[الأنبياء: ٢٢] أي: تنزيهاً لله عَمَّا قال هؤلاء: {عَمَّا يَصِفُونَ}[الأنبياء: ٢٢] أي: يُلحِدون ويكذبون ويفترون.
والعرش: هو السرير الذي يجلس عليه الملك، وهو علامة الملْك والسيطرة، كما في قوله تعالى عن ملكة سبأ على لسان الهدهد:{إِنِّي وَجَدتُّ امرأة تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ}[النمل: ٢٣] فحين يقول سبحانه {رَبِّ العرش}[الأنبياء: ٢٢] ينصرف