فيها، فقال {فِجَاجاً سُبُلاً ... }[الأنبياء: ٣١] أي: طرقاً واسعة في الوديان، والأماكن السهلة. وفي موضع آخر قال:{لِّتَسْلُكُواْ مِنْهَا سُبُلاً فِجَاجاً}[نوح: ٢٠] .
ومعنى:{وَجَعَلْنَا فِيهَا ... }[الأنبياء: ٣١] يصح في الجبال أو في الأرض، ففي كل منهما طرق يسلكها الناس، وهي في الجبال على شكل شِعَأب ووديان.
ثم يذكر سبحانه عِلَّة ذلك، فيقول:{لَّعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ}[الأنبياء: ٣١] والهداية هنا تحتَمل معنيين: يهتدون لخالقها ومكوِّنها، ويستدلون بها على الصانع المبدع سبحانه، أو يهتدون إلى البلاد والأماكن والاتجاهات، وقديماً كانوا يتخذون من الجبال دلائل وإشارات ويجعلونها علامات، فيصفون الأشياء بمواقعها من الجبال، فيقولون: المكان الفلاني قريب من جبل كذا، وعلى يمين جبل كذا، وقد قال شاعرهم:
فالهداية هنا تشمل هذا وذاك، كما في قوله تعالى:{وَعَلامَاتٍ وبالنجم هُمْ يَهْتَدُونَ}[النحل: ١٦] أي: يهتدون إلى الطرق والاتجاهات، وكان العربي يقول مثلاً: اجعل الثُّريَا عن يمينك أو النجم القطبي، أو سهيل أو غيرها، فكانوا على علم بمواقع هذه النجوم ويسيرون على هَدْيها.