الرجل والمرأة، و (العَيْن) تطلق على العين: العين الباصرة، وعلى عين الماء، وعلى الجاسوس، وعلى الذهب والفضة.
كذلك (القِسْط) نقول: القِسْط بالكسر مثل: حِمْل بمعنى العدل من قَسَط قِسْطَاً. ومنه قوله تعالى:{إِنَّ الله يُحِبُّ المقسطين}[المائدة: ٤٢] ونقول: القَسْط بالفتح يعني: الظلم من قسط قُسوطاً وقَسْطاً، ومنه قوله تعالى:{وَأَمَّا القاسطون فَكَانُواْ لِجَهَنَّمَ حَطَباً}[الجن: ١٥] أي: الجائرون الظالمون.
والقِسْط بمعنى العدل إذا حكم بالعدل أولاً وبداية، لكن أقسط يعني كان هناك حكم جائر فعدَّله إلى حكم بالعدل في الاستئناف.
ومن هذه المادة أيضاً قوله تعالى:{ادعوهم لآبَآئِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ الله ... }[الأحزاب: ٥] فأقسط هنا: أفعل تفضيل، تدل على أن حكم محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ في مسألة زيد كان عَدْلاً وقِسْطاً، إنما حكم ربه تعالى هو أقسط وأعدل.
ومعلوم من قصة زيد بن حارثة أنه فضَّل رسول الله واختاره على أهله، وكان طبيعياً أنْ يكافئه رسول الله على محبته وإخلاصه ويُعوِّضه عن أهله الذين آثر عليهم رسولَ الله، وكانت المكافأة أن سماه زيد بن محمد.
إذن: الحق سبحانه عدل لرسوله، لكن عدل له العدل لا الجوْر، وعَدْل الله أَوْلى من عدل محمد لذلك قال:{أَقْسَطُ عِندَ الله ... }[الأحزاب: ٥] أما عندكم أنتم فقد صنع محمد عَيْن العَدْل.
وقوله تعالى:{ادعوهم لآبَآئِهِمْ. .}[الأحزاب: ٥] جاء ليبطل التبني؛ ليكون ذلك مقدمة لتشريع جديد في الأسرة والزواج والمحارم وأمور كثيرة في شرع الله لا تستقيم في وجود هذه