وقد ظَنَّ الكفار والعصاة أن لهم وَزْناً عند الله، ومنزلة ستكون لهم في الآخرة، كما كانت لهم في الدنيا، كما جاء في قصة صاحب الجنتين الذي قال لأخيه متباهياً مفتخراً. {أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَراً وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ قَالَ مَآ أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هذه أَبَداً وَمَآ أَظُنُّ الساعة قَائِمَةً وَلَئِن رُّدِدتُّ إلى رَبِّي لأَجِدَنَّ خَيْراً مِّنْهَا مُنْقَلَباً}
[الكهف: ٣٤ - ٣٦] .
لكن هيهات أنْ يكون لهم وَزْنٌ في الآخرة، فالوزن في القيامة للأعمال، لا للأعيان.
إذن: المعنى لا نقيم لذواتهم، إنما نزن أعمالهم؛ لذلك قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لقرابته:«لا يأتيني الناس بأعمالهم، وتأتوني بأحسابكم» .
وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ:«يا فاطمة بنت محمد اعملي فإني لا أغني عنك من الله شيئاً» فالذوات والأحساب والأنساب لا قيمة لها في هذا الموقف.
وقوله تعالى:{فَلاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً ... }[الأنبياء: ٤٧] مع أن القاعدة: {فَمَنِ اعتدى عَلَيْكُمْ فاعتدوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعتدى عَلَيْكُمْ. .}[البقرة: ١٩٤] وهؤلاء قد ظلموا الحق سبحانه ظُلْماً عظيماً حين أشركوا به، وظلموا رسول الله لما قالوا عنه: ساحر، وكاذب ومجنون، ومع ذلك فلن نردّ هذا الاعتداء بمثله بظلمهم.