واللَّبوس: أبلغ وأحكم من اللباس، فاللباس من نفس مادة (لبس) هي الملابس التي تستر عورة الإنسان، وتقيه الحر والبرد، كما جاء في قوله تعالى:{وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الحر ... }[النحل: ٨١] .
أما في الحرب فنحتاج إلى حماية أكبر ووقاية أكثر من العادية التي نجدها في اللباس، في الحرب نحتاج إلى ما يقينا البأس، ويحمينا من ضربات العدو في الأماكن القاتلة؛ لذلك اهتدى الناس إلى صناعة الخوذة والدرع لوقاية الأماكن الخطرة في الجسم البشري، وتتمثل هذه في الرأس والصدر، ففي الرأس المخ، وفي الصدر القلب، فإن سِلَمَتْ هذه الأعضاء فما دونها يمكن مداوته وجَبْره.
إذن: اللبوس أبلغ وأكثر حماية من اللباس؛ لأن مهمته أبلغ من مهمة اللباس، وكانت قبل داود مَلْساء يتزحلق السيف عليها، فلما صنعها داود جعلها مُركَّبة من حلقات حتى ينكسر عليها السيف؛ لذلك قال تعالى بعدها:{لِتُحْصِنَكُمْ مِّن بَأْسِكُمْ ... }[الأنبياء: ٨٠] أي: تحميكم في حَرْبكم مع عدوكم، وتمنعكم وتحوطكم.
إذن: ألهمنا داود عليه السلام، فأخذ يُفكِّر ويبتكر، وكل تفكير في ارتقاء صَنْعه إنما ينشأ من ملاحظة عيب في صَنْعة سابقة،