وعجبتُ لمَنْ اغتمَّ، ولم يفزع إلى قوله تعالى:{لاَّ إله إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظالمين}[الأنبياء: ٨٧] فإنِّي سمعت الله بعقبها يقول: {فاستجبنا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الغم وكذلك نُنجِي المؤمنين}[الأنبياء: ٨٨] .
وعجبتُ لمن مُكِرَ به، ولم يفزع إلى قوله تعالى:{وَأُفَوِّضُ أمري إِلَى الله}[غافر: ٤٤] فإني سمعت الله بعقبها يقول: {فَوقَاهُ الله سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُواْ ... }[غافر: ٤٥] .
وعجبتُ لمن طلب الدنيا وزينتها، ولم يفزع إلى قوله تعالى:{مَا شَآءَ الله لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بالله ... }[الكهف: ٣٩] فإنِّ سمعت الله بعقبها يقول: {فعسى رَبِّي أَن يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِّن جَنَّتِكَ ... }[الكهف: ٤٠] .
وهكذا يجب على المؤمن أن يكون مُطْمئناً واثقاً من معيّة الله، ويضع كما نقول (في بطنه بطيخة صيفي) ؛ لأنه يفزع إلى ربه بالدعاء المناسب في كل حال من هذه الأحوال، وحين يراك ربك تلجأ إليه وتتضرع، وتعزو كل نعمة في ذاتك أو في أهلك أو في مالك وتنسبها إلى الله، وتعترف بالمنعِم سبحانه فيعطيك أحسنَ منها.
ثم يُحدِّثنا الحق سبحانه عن نبي آخر من أنبيائه، فيقول تعالى:{وَزَكَرِيَّآ إِذْ نادى رَبَّهُ ... } .