لكن، حين يُسمِّى يحيى مَنْ يملك الحياة ويملك الموت، فلا بُدَّ أن يكون اسماً على مُسمَّى، ولا بُدَّ له أن يحيا، حتى إنْ مات يموت شهيداً، لتتحقق له الحياة حتى بعد الموت.
ومعنى:{وَوَهَبْنَا. .}[الأنبياء: ٩٠] أي: أعطيناه بدون قانون التكوين الإنساني، وبدون أسباب.
ثم يقول سبحانه:{وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ ... }[الأنبياء: ٩٠] فبعَد أنْ كانت عاقراً لا تلد أجرينا لها عملية ربانية أعادتْ لها مسألة الإنجاب؛ لأن المرأة تلد طالما فيها البويضات التي تكوِّن الجنين، فإذا ما انتهتْ هذه البويضات قد أصبحت عقيماً، وهذه البويضات في عنقود، ولها عدد مُحدَّد أشبه بعنقود البيض في الدجاجة؛ لذلك يسمون آخر الأولاد «آخر العنقود» .
إذن: وُجِد يحيى من غير الأسباب الكونية للميلاد؛ لأن المكوِّن سبحانه أراد ذلك.
لكن، لماذا لم يقُلْ لزكريا أصلحناك؟ قالوا: لأن الرجل صالح للإنجاب ما دام قادراً على العملية الجنسية، مهما بلغ من الكِبَر على خلاف المرأة المستقبِلة، فهي التي يحدث منها التوقُّف.
وأصحاب العُقْم وعدم الإنجاب نرى فيهم آيات من آيات الله، فنرى الزوجين صحيحين، أجهزتُهما صالحة للإنجاب، ومع ذلك لا ينجبان، فإذا ما تزوج كل منهما بزوج آخر ينجب؛ لأن المسألة ليست (آليّة) ، بيل وراء الأسباب الظاهرة إرادة الله ومشيئته.