لكن مهما كانت عندك من إمكانيات، ومهما ملكتَ من أسباب التنفيذ، أتضمن أن تُمكِّنك الظروف والأحوال من التنفيذ؟ ولا يملك هذا كله إلا الله عَزَّ وَجَلَّ، فإذا وعد حقق ما وعد به، فالوعد الحق - إذن - هو وعد الله.
وحين يقول الحق سبحانه:{واقترب الوعد الحق. .}[الأنبياء: ٩٧] فتنبه ولا تَقِسْ الدنيا بعمرها الأساسي، إنما قِسْ الدنيا بعمرك فيها، فهذه هي الدنيا بالنسبة لك، ولا دَخْلَ لك بدنيا غيرك، فإذا كنتَ لا تعلم متى تفارق دنياك فلا شَكَّ أن عمرك قريب، واقترب الوعد الحق بالنسبة لك.
وكذلك مدة مُكْثِك في قبرك إلى أن تقوم الساعة ستمر عليكِ كساعة من نهار، كما قال سبحانه:{كَأَن لَّمْ يلبثوا إِلاَّ سَاعَةً مِّنَ النهار. .}[يونس: ٤٥] .
ولو تنَّبه كل مِنّا إلى إخفاء الله لأجله، لعلم أن في هذا الإخفاء أعظمَ البيان، فحين أخفاه ترقبناه في كل طَرْفة عَيْن، وتنفُّس نَفَسٍ؛ لذلك يقولون:«مَنْ مات قامت قيامته» ، لأن القيامة تعنى الحساب والجزاء على الأعمال، ومَنْ مات انقطع عمله، وطُويَتْ صحيفته.
وقوله تعالى:{فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الذين كَفَرُواْ. .}[الأنبياء: ٩٧] وَعْد الله هنا هو القيامة، وهي تفاجئنا وتأتينا بغتة؛ لذلك نقول في (فَإذَا) أنها الفجائية، كما تقول: خرجتُ فإذا أسدٌ بالباب،