أُنزلَتْ على الأنبياء ما كتبناه في اللوح المحفوظ، أو ما كتبناه في الزبور، لا أنّ سيدنا داود أعطاه الله فوق ما أعطى الآخرين.
ومعنى:{مِن بَعْدِ الذكر. .}[الأنبياء: ١٠٥] هذه تدل على أن واحداً أسبق من الآخر، نقول: القرآن هو كلام الله القديم، ليس في الكتب السماوية أقدم منه، والمراد هنا {مِن بَعْدِ الذكر. .}[الأنبياء: ١٠٥] بعدية ذِكْرية، لا بعدية زمنية.
فما الذي كتبه الله لداود في الزبور؟ كتب له {أَنَّ الأرض يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصالحون}[الأنبياء: ١٠٥] كلمة الأرض إذا أُطلقَتْ عموماً يُراد بها الكرة الأرضية كلها.
وقد تُقيَّد بوصف معين. كما في:{الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ. .}[المائدة: ٢١] .
وفي:{فَلَنْ أَبْرَحَ الأرض. .}[يوسف: ٨٠] أي: التي كان بها.
وهنا يقول تعالى:{أَنَّ الأرض. .}[الأنبياء: ١٠٥] أي: الأرض عموماً {يَرِثُهَا. .} أي: تكون حقاً رسمياً لعبادي الصالحين. فأيُّ أرض هذه؟ أهي الأرض التي نحن عليها الآن؟ أم الأرض المبدلة؟
ما دُمْنَا نتكلّم عن بَدْء الخَلْق وإعادته، فيكون المراد الأرض المبدلَة المعادة في الآخرة، والتي يرثها عباد الله الصالحون، والإرْث هنا كما في قوله تعالى:{تِلْكُمُ الجنة أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}[الأعراف: ٤٣] .