للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هامدة: ساكنة، ومنه قولنا للولد كثيرالحركة: اهمد {فَإِذَآ أَنزَلْنَا عَلَيْهَا المآء اهتزت. .} [الحج: ٥] أي: تحركتْ ذراتُها بالنبات بعد سكونها.

والاهتزاز: تحرُّك ما كنت تظنه ثابتاً، وليس ما كان ثابتاً في الواقع؛ لأن لكل كائن حركة في ذاته، حتى قطعة الحديد الجامدة لها حركة بين ذراتها، لكن ليس لديْك من وسائل الإدراك ما تدرك به هذه الحركة. ولو تأملت المغناطيس لأدركتَ هذه الحركة بين ذراته، فحين تُدلِّك القضيب الممغنط وتُمرِّره على قضيب آخر غير مُمغنط في اتجاه واحد، فإنه يكتسب منه المغناطيسية، وتمرير المغناطيس في اتجاه واحد معناه تعديل للذرات لتحمل شحنة واحدة سالبة أو موجبة، فإن اختلف اتجاه الدَّلْك فإن الذرات أيضاً تختلف.

إذن: في الحديد - رمز الصلابة والجمود - حركة وحياة تناسبه، وإنْ خُيِّل إليك أنه أصمُّ جامد في ظاهرة.

لذلك نقول {هَامِدَةً. .} [الحج: ٥] يعني: ساكنة في رَأْي العلم، حيث لا نباتَ فيها ثم {اهتزت. .} [الحج: ٥] يعني: زادتْ ورَبَتْ وتحركتْ لإخراج النبات، إنما هي في الحقيقة لم تكُنْ ساكنة مُطْلقاً؛ لأن فيها حركة ذاتية بين ذراتها.

ومعنى: {وَرَبَتْ. .} [الحج: ٥] أي: زادت عن حجمها، كما تزيد حبة الفول مثلاً حين تُوضَع في الماء، وتأخذ حظها من الرطوبة، وكذلك في جميع البقول، وهذه الزيادة في حجم الحبة هي التي تفلقها إلى فلقتين في عملية الإنبات، ويخرج منها زبان يتجه إلى أعلى فيكون الساق الذي يبحث عن الهواء، وإلى أسفل فيكون الجذر الذي يبحث عن الماء. وتظل هاتان الفلقتان مصدرَ غذاءٍ للنبتة حتى

<<  <  ج: ص:  >  >>