وإذا نظرتَ إلى الوجود كله لوجدته دروة مكررة، فالله عَزَّ وَجَلَّ قد خلق الأرض وقدَّر فيها أقواتها، فمثلاً كمية الماء التي خلقها الله في الكون هي هي لم تَزِدْ ولم تنقص؛ لأن للماء دورة في الحياة، فالماء الذي تشربه طوال حياتك لا يُنقص في كمية الماء الموجود؛ لأنه سيخرج منك على صورة فضلات ليعود في دورة الماء في الكون من جديد.
وهكذا في الطعام الذي تأكله، وفي الوردة الجميلة الطرية التي نقطفها، كل ما في الوجود له دورة يدور فيها، وهذا معنى:{وَقَدَّرَ فِيهَآ أَقْوَاتَهَا. .}[فصلت: ١٠]
فمعنى:{الحق. .}[الحج: ٦] هنا الثابت الذي لا يتغير في الخَلْق وفي العطاء. فلا تظن أن عطاء الله لك شيء جديد، إنما هو عطاء قديم يتكرر لك ولغيرك.
ثم يقول تعالى:{وَأَنَّهُ يُحْيِي الموتى. .}[الحج: ٦] كما قُلْنا في الآية السابقة: {وَتَرَى الأرض هَامِدَةً. .}[الحج: ٥] أي: ساكنة لا حياةَ فيها، والله وحده القادر على إحيائها؛ لذلك نجد علماء الفقه يُسمُّون الأرض التي نصلحها للزراعة (إحياء الموات) فالله تعالى