محدود، ونفهم أن الذي مر على هذه القرية ليس من سكانها، إنما هو قد مر عليها سياحة في رحلة. ونلحظ كذلك أن الحق سبحانه لم يشأ أن يأتي لنا باسم القرية أو باسم الذي مر عليها.
قال البعض: إنه هو أرمياء بن حلقيا أو هو الخضر، أو هو عزير، وقد قلنا من قبل: إنه إذا أبهم الحق فمعناه: لا تشخص الأمر، فيمكن لأي أحد أن يحدث معه هذا.
{أَوْ كالذي مَرَّ على قَرْيَةٍ} . وقالوا: إنها بيت المقدس، {وَهِيَ خَاوِيَةٌ على عُرُوشِهَا} وحتى نفهم معنى خاوية على عروشها، لنا أن نعرف أنني عندما أقول:«أنا خويان» أي «أنا بطني خاوية» : «جوعان» ف «خاوية» المقصود بها أنها قرية خالية من السكان، وقد تكون أبنيتها منصوبة، لكن ليس فيها سكان، والحق بقوله عن تلك القرية: إنها خاوية على عروشها، و «العرش» يطلق على البيت من الخيام، ويطلق كما نعرف على السقف، فإذا قال:{خَاوِيَةٌ على عُرُوشِهَا} أي أن العرش قد سقط أولا، ثم سقطت الجدران عليه، مثلما نقول في لغتنا العامية:«جاب عاليها على واطيها» .
وعندما يمر إنسان على قرية مثل هذه القرية فلا بد أن مشهدها يكون شيئاً لافتا للنظر، قال:{أنى يُحْيِي هذه الله بَعْدَ مَوْتِهَا} فكأنه يسأل عن القرية، وعن إماتة وإحياء الناس الذين يسكنون القرية. والحق حين يذكر القرية في القرآن فهو يقصد في بعض الأحيان الحديث عن أهلها مثل قوله تعالى:{وَسْئَلِ القرية التي كُنَّا فِيهَا والعير التي أَقْبَلْنَا فِيهَا وَإِنَّا لَصَادِقُونَ}[يوسف: ٨٢]
إن أبناء يعقوب عليه السلام حين عادوا من مصر وتركوا أخاهم الأصغر مع يوسف عليه السلام قالوا لأبيهم: أرسل من يأتيك بشهادة أهل مصر واسأل بنفسك زملاءنا الذين كانوا معنا في القافلة، وسيقولون لك: إننا قد تركنا أخانا بمصر. لكن سؤال الذي مر على القرية الخاوية على عروشها هو سؤال عن أهلها.