{الذين آمَنُواْ. .}[الحج: ١٧] أي: بمحمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، {والذين هَادُواْ. .}[الحج: ١٧] أي: اليهود، ثم النصارى وهما قبل الإسلام، أما الصابئون: فهؤلاء جماعة كانوا على دين إبراهيم عليه السلام، ثم عبدوا الكواكب فَسُمُّوا الصابئة لخروجهم عن الدين الحق. أما المجوس: فهم عبدة النار، والذين أشركوا: هم المشركون عَبَدة الأصنام والأوثان.
أما التقديم والتأخير بين النصارى والصابئين، قالوا: لأن النصارى فرقة كبيرة معروفة ولهم نبي، أما الصابئة فكانوا جماعة خرجوا على نبيهم وخالفوه وأتَوْا بعقيدة غير عقيدته، فهم قلَّة، لكن سبقوا النصارى في الترتيب الزمني؛ لذلك حين يراعي السَّبْقَ الزمني يقول:{والصابئين والنصارى. .}[الحج: ١٧] وحين يراعي الكثرة والشهرة، يقول:{والنصارى والصابئين. .}[البقرة: ٦٢] فكلٌّ من التقديم أو التأخير مُراد لمعنى مُعيَّن.
أما قوله:{والصابئون. .}[المائدة: ٦٩] بالرفع على خلاف القاعدة في العطف، حيث عطفت على منصوب، والمعطوف تابع للمعطوف عليه في إعرابه، فلماذا وسَّط مرفوعاً بين منصوبات؟
قالوا: لا يتم الرفع بين المنصوبات إلا بعد تمام الجملة، فكأنه قال: إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى، والصابئون كذلك، فعطف هنا جملة تامة، فهي مُؤخَّرة في المعنى، مُقدَّمة في اللفظ، وهكذا تشمل الآية التقديم والتأخير السابق.