الزمن في مسألة الحمار. إنه سبحانه يظهر لنا أنه هو القابض الباسط، فهو الذي يقبض الزمن في حق شيء، ويبسط الزمن في حق شيء آخر، والشيئان متعاصران معا. وتلك العملية لا يمكن أن تكون إلا لقدرة طليقة لا تملكها النواميس الكونية، وإنما هي التي تملك النواميس.
وقد قال الحق سبحانه:{وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ} ، فمن هم الناس الذين سيجعل الله من قضية الذي مر على قرية آية لهم؟ كان لابد أن يوجد أناس في القصة، لكن القرية خاوية على عروشها، وليس فيها إنسان أو بنيان، أهم الذين كانوا في القرية أم سواهم؟ قال بعض المفسرين هذا، وقال البعض الآخر الرأي المضاد.
وأصدق شيء يمكن أن يتصل بصدق الله في قوله:{وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ} هو قبض الله للزمن في حق شيء، وبسطه في حق شيء آخر، وعزيز كما قال جمهرة العلماء هو الذي مر على قرية، وعزيز هذا كان من الأربعة الذين يحفظون التوراة، فلم يحفظ التوراة إلا أربعة: موسى، وعيسى، وعزير، ويوشع، وقد أراه الله العظام وكيف ينشزها ويرفعها فتلتحم ثم يكسوها لحما، أي أراه عملية الإحياء مشهدياً، وفي هذا إجابة للسؤال:{أنى يُحْيِي هذه الله بَعْدَ مَوْتِهَا} ؟
والحق يقول:{وانظر إِلَى العظام كَيْفَ نُنْشِزُهَا} و {نُنْشِزُهَا} أي نرفعها، ورأى «عزير» كل عظمة في حماره، وهي ترفع من الأرض، وشاهد كل عظمة تركب مكانها، وبعد تكوين الهيكل العظمي للحمار بدأت رحلة كسوة العظام لحماً، وبعد ذلك تأتي الحياة.
لقد وجد عزير إجابة في نفسه، ووجد إجابة في الحمار، ومن بعد ذلك تذكر قريته التي خرج منها، وأراد العودة إليها، فلما عاد إليها وجد أمرها قد تغير بما يتناسب مع مرور مائة عام، وكان في تلك القرية مولاة لهم، أي أمة في أسرته، وكانت هذه الأمة قد عميت وأصبحت مقعدة، فلما دخل وقال: أنا العزير. قالت الأمة: ذهب العزيز من مائة عام ولا ندري أين ذهب ولم يعد؟