{قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِّن نَّارٍ. .}[الحج: ١٩] كأن النار تفصيل على قَدْر جسومهم إحكاماً للعذاب، ومبالغةً فيه، فليس فيها اتساع يمكن أنْ يُقلِّل من شِدَّتها، وليست فضفاضة عليهم.
ثم {يُصَبُّ مِن فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الحميم}[الحج: ١٩] والحميم: الماء الذي بلغ منتهى الحرارة، حتى صار هو نفسه مُحْرِقاً من شِدَّة حَرّه، ولكَ أنْ تتصور ماءً يَغليه ربنا عَزَّ وَجَلَّ!!
وهكذا يجمع الله عليهم ألوان العذاب؛ لأن الثياب يرتديها الإنسان لتستر عورته، وتقيه الحر والبرد، ففيها شمول لمنفعة الجسم، يقول تعالى:{وَضَرَبَ الله مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ الله فَأَذَاقَهَا الله لِبَاسَ الجوع والخوف بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ}[النحل: ١١٢] .
فالإذاقة ليستْ في اللباس، إنما بشيء آخر، واللباس يعطي الإحاطة والشمول، لتعم الإذاقة كُلَّ أطراف البدن، وتحكم عليه مبالغةً في العذاب.