{أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ} نقل إبراهيم الحجة إلى الليل والنهار، وطلب منه أن يعكس آية الليل والنهار، فقال للرجل:{فَإِنَّ الله يَأْتِي بالشمس مِنَ المشرق فَأْتِ بِهَا مِنَ المغرب فَبُهِتَ الذي كَفَرَ} .
وحتى لا يظن أحد أن إبراهيم عليه السلام إنما ترك الكلام عن الإحياء والإماتة فراراً من الجدل. ونقل الأمر إلى الشمس، لكن أراد الله أن يأتي بقصة هذا الإنسان الذي مر على قرية وهي خاوية، فيحدث له كل ما تقدم ليثبت الحق لنا أن قضية الحياة وقضية الموت بيده وحده. وليخرج الحق سبحانه أمر الحياة والموت عن مجال السفسطة الجدلية. وعرفنا أن قبل معنى السفسطة الجدلية حينما تعرضنا لقول الذي حاج إبراهيم في ربه باثنين من المسجونين وقال: أنا أستطيع أن أقتل واحدا، وأن أترك الثاني بلاَ قتل.
هذه هي السفسطة: إنه لم يحيي، بل أبقى حياة. وعرفنا أن الإحياء ضد الإماتة؛ لأن الإماتة هي أن تخرج الروح من الجسد بدون جرح، أو نقض بنية، أو عمل يفعله الإنسان في البدن. أما إذا فعل إنسان أي شيء من هذه الأفعال ضد إنسان آخر فلا يقال إنه أماته بل يقال لقد قتله. والموت كما عرفنا غير القتل.
وتأتي بعد ذلك قصة لإبراهيم أيضا بعد أن نقل الجدل مع الرجل إلى الشمس، فبهت الرجل الذي كفر، أما إبراهيم عليه السلام فهو يؤمن بقدرة الله، لكنه يريد أن يعرف الكيفية. إن إبراهيم عليه السلام لم يكن شاكا لأن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قال:«نحن أحق بالشك من إبراهيم إذ قال: {رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الموتى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بلى وَلَكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} » .