للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أي: جعلناه مبَاءة له، يرجع إليه من حركة حياته بعد أنْ أعلمنَاهُ، ودَلَلْناه على مكانه.

وقلنا: إن المكان غير المكين، المكان هو البقعة التي يقع فيه ويحلُّ بها المكين، فأرض هذا المسجد مكان، والبناء القائم على هذه الأرض يُسمَّى «مكين في هذا المكان» . وعلى هذا فقد دَلَّ الله إبراهيم عليه السلام على المكان الذي سيأمره بإقامة البيت عليه.

وقد كان للعلماء كلام طويل حول هذه المسألة: فبعضهم يذهب إلى أن إبراهيم عليه السلام هو أول مَنْ بنى البيت. ونقول لأصحاب هذا الرأي: الحق - تبارك وتعالى - بوَّأ لإبراهيم مكان البيت، يعني: بيَّنه له؛ كأن البيت كان موجوداً، بدليل أن الله تعالى يقول في القصة على لسان إبراهيم: {إني أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ المحرم. .} [إبراهيم: ٣٧] .

وفي قوله تعالى: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ القواعد مِنَ البيت وَإِسْمَاعِيلُ. .} [البقرة: ١٢٧]

ومعلوم أن إسماعيل قد شارك أباه وساعده في البناء لما شَبَّ، وأصبح لديه القدرة على معاونة أبيه، أمّا مسألة السكن فكانت وإسماعيل ما يزال رضيعاً، وقوله تعالى: {عِندَ بَيْتِكَ المحرم. .} [إبراهيم: ٣٧] يدل على أن العِنْدية موجودة قبل أنْ يبلغَ إسماعيل أنْ يساعد أباه في بناية البيت، إذن: هذا دليل على أن البيت كان موجوداً قبل إبراهيم.

<<  <  ج: ص:  >  >>