وتبيعها، أما اجتنبوا فتعني: احذروا مجرد الاقتراب منها على أيِّ وجه من هذه الوجوه.
لذلك، تجد الأداء القرآني للمطلوبات المنهجية في الأوامر والنواهي من الله يُفرِّق بين حدود ما أحلَّ الله وحدود ما حرَّم، ففي الأوامر يقول:{تِلْكَ حُدُودُ الله فَلاَ تَعْتَدُوهَا. .}[البقرة: ٢٢٩] .
وفي النواهي يقول:{تِلْكَ حُدُودُ الله فَلاَ تَقْرَبُوهَا. .}[البقرة: ١٨٧] .
ففي الأوامر وما أحلَّ الله لك قِفْ عند ما أحلَّ، ولا تتعداه إلى غيره، أمَّا المحرمات فلا تقترب منها مجردَ اقتراب، فلما أراد الله نَهْي آدم وحواء عن الأكل من الشجرة قال لهما:{وَلاَ تَقْرَبَا هذه الشجرة. .}[البقرة: ٣٥] .
وبعد أن أمر الحق سبحانه باجتناب الرجْس في عبادة الأصنام قال:{واجتنبوا قَوْلَ الزور}[الحج: ٣٠] فقرن عبادة الأوثان بقول الزُّور، كأنهما في الإثم سواء؛ لذلك النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ سلَّم يوماً من صلاة الصبح، ثم وقف وقال:«ألا وإن شهادة زور جعلها الله بعد الأوثان» .
لماذا؟ لأن في شهادة الزور جماع لكل حيثيات الظلم، فساعةَ يقول: ليس للكون إله، فهذه شهادة زور، وقائلها شاهد زور، كذلك حين يظلم أو يُغير في الحقيقة، أو يذمُّ الآخرين، كلها داخلة تحت شهادة الزور.