صلاة الجماعة حين يسمع النداء، وبآخرهم خروجاً من المسجد بعد أداء الصلاة، ولك أن تقيس حال هؤلاء بحالنا اليوم. هؤلاء قوم عظَّموا شعائر الله فلم يُقدِّموا عليها شيئاً.
وقد بلغ حُبُّ التكاليف وتعظيم شعائر الله بأحد العارفين إلى أنْ قال: لقد أصبحتُ أخشى ألا يثيبني الله على طاعته، فسألوه: ولماذا؟ قال: لأنني أصبحتُ أشتهيها يعني: أصبحتْ شهوة عندي، فكيف يُثاب - يعني - على شهوة عندي؟!
لذلك أهل العزم وأهل المعرفة عن الله إذا ورد الأمر من الله وثبت أخذوه على الرَّحْب والسِّعَة دون جدال ولا مناقشة، وكيف يناقشون أمر الله وهم يُعظِّمونه؟ ومن هنا نقول للذين يناقشون في أمور فعلها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مثل تعدُّد زوجاته مثلاً ويعترضون، بل ومنهم مَنْ يتهم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بما لا يليق.
نقول لهم: ما دُمْتُم آمنتم بأنه رسول الله، فكيف تضعون له موازين الكمال من عند أنفسكم. وتقولون: كان ينبغي أنْ يفعل كذا، ولا يفعل كذا؟ وهل عندكم من الكمال ما تقيسون به فِعْل رسول الله؟ المفروض أن الكمال منه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ومن ناحيته، لا من ناحيتكم.
ثم يقول سبحانه:{فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى القلوب}[الحج: ٣٢] ليست من تقوى الجوارح، بل تقوى قلب لا تقوى قالب، فالقلب هو محلُّ نظر الله إليك، ومحلُّ قياس تعظيمك لشعائر الله.
وسبق أنْ ذكرنا أن الله تعالى لا يريد أنْ يُخضِع قوالبنا، إنما يريد أنْ يُخضع قلوبنا، ولو أراد سبحانه أنْ تخضع القوالب لخصعتْ له راغمة، كما جاء في قوله تعالى: