ومعنى {صَوَآفَّ. .}[الحج: ٣٦] يعني: واقفةً قائمة على أرْجُلها، لا ضعفَ فيها ولا هُزَال، مصفوفة وكأنها في معرض أمامك. وهذه صفات البُدْن الجيدة التي تناسب هذه الشعيرة وتليق أنْ تُقدَّمْ هَدْياً لبيت الله.
ومعنى:{فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا. .}[الحج: ٣٦] وجبَ الشيء وجباً يعني: سقط سقوطاً قوياً على الأرض، ومعلوم أن البَدَنة لا تُذبح وهي مُلْقاة على الأرض مثل باقي الأنعام، وإنما تُنْحر وهي واقفة، فإذا ما نُحِرَتْ وقعتْ على الأرض وارتمتْ بقوة من بدانتها.
{فَكُلُواْ مِنْهَا. .}[الحج: ٣٦] وقلنا: إن الأكل لا يكون إلا من الهَدْي المحض والتطوع الخالص الذي لا يرتبط بشيء من مسائل الحج، فلا يكون هَدْيَ تمتُّع أو قِرَان، ولا يكون جِبْراً لمخالفة، ولا يكون نَذْراً. . إلخ.
وعِلَّة الأمر بالأكل من الهَدْي؛ لأنهم كانوا يتأففون أنْ يأكلوا من المذبوح للفقراء، وكأن في الأمر بالأكل منها إشارة لوجوب اختيارها مما لا تعافه النفس.
ومعنى:{القانع والمعتر. .}[الحج: ٣٦] القانع: الفقير الذي يتعفَّف أنْ يسأل الناس، والمعترّ: الفقير الذي يتعرَّض للسؤال.
ثم يقول سبحانه:{كذلك سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ. .}[الحج: ٣٦] يعني: سخّرناها لكم، ولو في غير هذا الموقف، لقد سخَّرها الله لكم منذ وُجِد الإنسان؛ لذلك عليكم أنْ تشكروا الله على أنْ أوجدها وملّككم إياها، وتشكروه على أنْ سخَّرها وذلَّلها لكم، وتشكروه على أنْ هداكم للقيام بهذا المنسك، وأداء هذه الشعيرة وعمل هذا الخير الذي سيعود عليكم بالنفع في الدنيا وفي الآخرة.