الفقير. . وساعتها، نقضي على مشاعر الحقد والحسد والبغضاء والأَثَرة.
فحين يعطي القويُّ الضعيفَ من قوته لا يحسده عليها، ويتمنى له دوامها؛ لأن خيرها يعود عليه، وحين يعطي الغنّي مما أفاض الله عليه للفقير يُؤلِّف قلبه، ويجتثّ منه الغِلَّ والحسد، ويدعو له بدوام النعمة.
لا بد من هذا التفاوت ليتحقق فينا قول الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ:«المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص، يشدُّ بعضه بعضاً» .
لذلك، ترى صاحب النعمة الذي ينثر منها على غيره، إنْ أصابته في ماله مصيبة يحزن له الآخرون ويتألمون بألمه؛ لأن نعمته تفيض عليهم، وخيرُه ينالهم. وأهل الريف إلى عهد قريب كان الواحد منهم يُربِّي البقرة أو الجاموسة؛ ليحلب لبنها، وكان لا ينسى الجيران وأهل الحاجة، فكانوا يدعُونَ الله له أنْ يبارك له في ماله، وإنْ أصابته ضرَّاء في ماله حَزِنوا من أجله.
إذن: حين تفيض من نعمة الله عليك على مَنْ حُرِم منها تدفع عن نفسك الكثير من الحقد والحسد، فإنْ لم تفعل فلا أقلَّ من إخفاء هذا الخير عن أعْيُنِ المحتاجين حتى لا تثير حفائظهم، وربما لو رآك الرجل العاقل يُردعه إيمانه فلا تمتدّ عيناه إلى ما في يدك، إنما حين يراك الأطفال الصغار تحمل ما حُرِموا منه، أو رأوا ولدك يأكل وهم محرومون هنا تكون المشكلة وقوله تعالى:{ولكن يَنَالُهُ التقوى مِنكُمْ. .}[الحج: ٣٧]