للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المقارنة هنا بين الرق والقتل؛ لأنه لا يُسترقّ إلا مَنْ قدر المسترقُّ عليه وتمكَّن منه في المعركة، وكان باستطاعته قَتْله، لكن رحمة الله بعباده منعتْ قتله، وأباحت أَخْذه رقيقاً، فالنفعية للمقاتل المنتصر يقابلها حَقْن دم الآخر، ثم بعد انتهاء الحرب نحثُّ على عتقه، ونفتح له أبواب الحرية.

إذن: لا تقارن بين عبد وحر، إنما قارن بين العبودية والقتل: أيهما أقلّ ضرراً؟

لذلك قال تعالى:

{قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ الله بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ الله على مَن يَشَآءُ والله عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [التوبة: ١٤ - ١٥] .

هذه نتائج سِتٌّ للأمر {قَاتِلُوهُمْ. .} [التوبة: ١٤] وجواب الأمر مجزوم بالسكون كما في (يُعذِّبْهم) ومجزوم بحذف حرف العلة كما في (وَيُخْزِهِم) ، والخزي لأنهم كانوا مغترين بقوتهم، ولديهم جبروت مفتعل، يظنون أَلاَّ يقدر عليهم أحد، وكذلك في: ينصركم، ويشف، ويذهب.

ثم قطع السياقُ الحكمَ السابق، واستأنف كلاماً جديداً، وإنْ كان معطوفاً على ما قبله في اللفظ، وهذا مظهر من مظاهر الدقة في الأداء القرآني، ومَلْحَظ لرحمة الله تعالى حتى بالكفار، فقال تعالى: {وَيَتُوبُ الله على مَن يَشَآءُ. .} [التوبة: ١٥] هكذا بالرفع، لا بالجزم فقطع الفعل (يتوب) عما قبله؛ لأن الله تعالى لم يشأ أن يشرِّك بينهم حتى في جواب الأمر.

وحتى على اعتبار أنهم هُزِمُوا، وكُسِرت شوكتهم، وضاعتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>