للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فالعطف في الآية ب (ثُمَّ) يدل على أن للسياحة مهمة أخرى، هي الاستثمار وطلب الرزق، ففي الآية إشارة إلى الجمع بين هاتين المهمتين، فحين تذهب للعمل إياك أنْ تغفل عن آيات الله في المكان الذي سافرت إليه، وخُذْ منه عبرة كونية تفيدك في دينك.

وفي آية أخرى يقول سبحانه: {قُلْ سِيرُواْ فِي الأرض فَاْنظُرُواْ. .} [النمل: ٦٩]

العطف هنا بالفاء التي تفيد الترتيب، يعني: سيروا في الأرض لتنظروا آيات الله، فهي خاصة بسياحة الاعتبار والتأمل، لا سياحة الاستثمار وطلب الرزق.

لذلك يقولون في الأمثال: (اللي يعيش ياما يشوف، واللي يمشي يشوف أكثر) فكلما تعددتْ الأماكن تعددت الآيات والعجائب الدالة على قدرة الله، وقد ترى منظراً لا يؤثر فيك، وترى منظراً آخر يهزُّك ويُحرِّك عواطفك، وتأملاتك في الكون.

وقوله: {أَفَلَمْ يَسِيرُواْ. .} [الحج: ٤٦] تعني وتؤكد أنهم ساروا فعلاً، كما تقول: أفلم أُكرمك؟ ولا تقول هذا إلا إذا أكرمته فعلاً، وقد حدث أنهم ساروا فعلاً في البلاد أثناء رحلة الشتاء والصيف، وكانوا يمرون على ديار القوم المهلكين، كما قال تعالى: {وَإِنَّكُمْ لَّتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُّصْبِحِينَ. .} [الصافات: ١٣٧] .

يعني: أنتم أهل سَيْر وترحال وأهل نظر في مصير مَنْ قبلكم، فكيف يقبل منكم الانصراف عن آيات الله؟

{أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِي الأرض فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَآ أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي فِي الصدور} [الحج: ٤٦]

<<  <  ج: ص:  >  >>