تحريم الميتة وأكل الذبيحة، وهذا دليل على خميرة الشرك والكفر في نفوسهم، ولهم حجج واهية لا تنطلي إلا على أمثالهم من الكفرة والمنافقين، وهذه مسألة واضحة، فالموت غير القتل، غير الذبح.
الموت: أن تخرج الروح أولاً دون نَقْض بِنْية الجسم، وبعد خروج الروح ينقض بناء الجسد، أما القتل فيكون بنقض البنية أولاً، ويترتب على نَقْض البنية خروج الروح، كأن يُضرب الإنسان أو الحيوان على رأسه مثلاً، فيموت بعد أنْ اختلّ مخه وتهشَّم، فلم يعُدْ صالحاً لبقاء الروح فيه.
وقد مثَّلْنا لذلك بضوء الكهرباء الذي نراه، والذي يسري في الأسلاك، ويظهر أثره في هذه اللمبات، نحن لا نعرف حتى الآن كُنْه هذه الكهرباء وماهية هذا الضوء، إنما نراه وننعَم به، فإذا ما كُسِرت هذه اللمبة ينطفئ النور؛ لأنها لم تعُدْ صالحة لاستقبال هذا النور، رغم أنه موجود في الأسلاك، إذن: لا يظهر نور الكهرباء إلا في بنية سليمة لهذا الشكل الزجاجي المفرَّغ من الهواء.
كذلك الروح لا تسكن الجسم، ولا تبقى فيه إلا إذا كانت له مواصفات معينة، فإن اختلَّتْ هذه المواصفات خرجتْ الروح من الجسد.
أما الذبح فهو أيضاً إزهاق روح، لكن بأمر الله خالقها وبرخصة منه سبحانه، كأن يُقتلَ إنسان في قصاص، أو في قتال مشروع، أو نذبح الحيوان الذي أحلَّه الله لنا وأمرنا بذبحه، ولولا أمْر الله بذبحه ما ذبحناه، ولولا أحلَّه ما أكلناه، بدليل أننا لا نأكل ما لم يحِل لنا من الحيوانات الأخرى.