كلمة تجرح عِزَّته وكرامته. لذلك جاء العذاب هكذا ألواناً؛ ليستوعب كل صنوف الملَكات النفسية، ويواجه كُلَّ نفس بما يؤلمها.
ثم تكلم الحق سبحانه عن أمر كان لا بُدَّ أن نعرفه، فالمسلمون الأوائل في مكة أُخرِجوا من ديارهم وأبنائهم وأموالهم لأنهم قالوا: ربنا الله، ولا شَكَّ أن للوطن وللأهل والبيئة التي نشأ فيها المرء أثراً في ملكات نفسه، لا يمكن أنْ يُمحَى بحال، فإنْ غاب عنه اشتاق إليه وتمنَّى العودة، وكما يقول الشاعر:
لذلك، فطالب العالم عندما يترك بلده إلى القاهرة يقولون: لا بُدَّ له أنْ يرجع، ولو أن تعضَّه الأحداث والشدائد، فيعود ليطلب من أهله العون والمساعدة، أو حتى يعود إليها في نهاية المطاف ليدفنوه في تراب بلده.
وقالوا: إن سيدنا سليمان - عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام - لما تفقَّد الطير {فَقَالَ مَالِيَ لاَ أَرَى الهدهد أَمْ كَانَ مِنَ الغآئبين لأُعَذِّبَنَّهُ عَذَاباً شَدِيداً أَوْ لأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ}[النمل: ٢٠ - ٢١] .
ذلك لأنه نبي، فالمسألة ليستْ جبروتاً وتعذيباً، دون أن يسمع منه. وقالوا: إن الطير سأل سليمان: كيف يعذب الهدهد؟ قال: أضعه